سؤال: ماحكم ظهور الزوجة على اخي الزوج وذلك كاشفة وجهها مع يديها؟

الجواب

ليس للزوج أن يسمح لزوجته أن تكشف لأخيه، أو لعمه، أو لابن عمه، لا بل عليها التستر والحجاب؛ لأنه فتنة والوجه من أعظم الفتنة، فعليها التستر ولو كانت عادة، يجب الحجاب، ويجب على أخي الزوج أن لا يرضى بهذا، ما يرضى بالمعصية، يجب عليه غض البصر، وأن يساعد أخاه على تحجب المرأة، وأن تتحجب عن أخيه، وعن عمه وعن ابن عمه وعن خاله. وغض البصر واجب، ولهذا ليس لها الكشف لأخي زوجها ولا عم زوجها ولا ابن عم زوجها ولا ابن أخيه كلهم أجناب، ليس لها أن تكشف إلا للزوج أو أبيه أو جده أو أولاده، أما أخوه وأعمامه وأخواله وأبناء أخيه كلهم أجناب لا تكشف لهم، ولا تخلو بواحد منهم أيضًا هذا لا يجوز، قال الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] البعولة: الأزواج، أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ [النور:31]، أما أخو الزوج لا ليس منهم ولا ابن أخيه ولا عمه ليسوا من هؤلاء، أما أبو الزوج نعم؛ لأنه قال: أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] آباء البعولة: أي: آباء الأزواج، والجد أب فأب الزوج وجد الزوج كلهم محارم من الرضاعة أو من النسب.. سواء من الرضاعة أو من النسب، وهكذا أبناء الزوج من الرضاع أو من النسب محارم أيضًا، وهكذا أبناء بناته محارم،العائلة إذا سكنت جميعا فالواجب أن تحتجب المرأة على من ليس بمحرم لها، فزوجة الأخ لا يجوز أن تكشف لأخيه؛ لأن أخاه بمنـزلة رجل الشارع بالنسبة للنظر والمحرمية، ولا يجوز أيضا أن يخلو أخوه بها إذا خرج من البيت، وهذه مشكلة يعاني منها كثير من الناس مثل أن يكون هناك أخوان في بيت واحد أحدهما متزوج، فلا يجوز لهذا المتزوج أن يبقى زوجته عند أخيه إذا خرج للعمل أو للدراسة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  لا يخلو رجل بامرأة  وقال:  إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله: أريت الحمو -والحمو أقارب الزوج- قال: الحمو الموت . وجه الدلالة:أنه يجب تغطية الوجه؛ لأنه عنوان المرأة جمالًا ودمامة، وقد اختلف الناس في ذلك.


والصواب: هو أنه يجب أن تغطي المرأة وجهها جميعًا؛ لقول الله تعالى في كتابه العظيم في سورة الأحزاب: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] ولم يستثن سبحانه الوجه ولا غيره.


وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]، والجلباب يغطى به الرأس والبدن والوجه والأيدي هو عام، وكذلك قوله -جل وعلا-: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية.


وفي أولها يقول سبحانه: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، فقوله سبحانه: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] قد تعلق بعض أهل العلم، وقالوا: إن المراد بذلك الوجه والكفان، ولكن هذا ليس بصحيح، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إن المراد بذلك الملابس الظاهرة »، وقال ابن عباس  -فيما روي عنه-: «إن المراد به الوجه والكفان» قال بعض أهل العلم: إنما أراد ابن عباس قبل النسخ، قبل نزول آية الحجاب، كانت المرأة يباح لها إظهار الوجه والكفين، وبعد ما نزلت آية الحجاب منعت من ذلك، وهذا هو الأقرب، والأظهر فيما رآه ابن عباس أن المراد يعني: فيما مضى قبل نزول آية الحجاب، أما بعد نزول آية الحجاب فالوجه داخل في الزينة التي قال الله فيها: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية.


ثم يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل في غزوة الإفك؛ لما سمعت صوته قالت: «خمرت وجهي»، قالت: «وكان قد رآني قبل الحجاب» فهذا يدل على أنهم بعد الحجاب مأمورون بتخمير الوجه.


والأمة تبع لأزواج النبي ﷺ في ذلك، الحكم للجميع.


فالحاصل: أن الأرجح والأظهر من الأدلة الشرعية هو وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها وبقية بدنها؛ لأنها عورة وفتنة، والله -سبحانه وتعالى- أرشدها إلى أسباب النجاة، وأسباب السلامة والعفة، حتى قال في آخر الآية: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] قال أهل العلم: معناه أنها لا تضرب برجلها حتى يسمع صوت الخلخال؛ لأن السامع قد يفتن بذلك.


وأما قوله سبحانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] معنى الخمر: ما يغطى به الرأس، فضرب الخمار على الجيوب، معناه على الوجه والرأس؛ لأن الجيب مدخل الرأس، هذا الجيب -من الجوب وهو الشق- وجيوبهن: مدخل الرأس، فالمعنى: ليضربن بخمرهن على موضع الجيب؛ وذلك هو الرأس والوجه، هو موضع الجيب، فإنه يخرج من الرأس، ويبدو منه الوجه، هذا هو محل التخمير.


وأما قول بعضهم: إنه لم يقل: على وجوههن، فلا يحتاج إلى هذا؛ لأنه لو قال: على وجوههن لقال آخرون: لما لم يقل على رؤوسهن، فيبقى الأمر أيضًا يحتاج إلى أن يقول: على رؤوسهن، وكلام الله أحكم وأعظم  لقولة سبحانة : وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] يعني: على محل الجيب، وهو الرأس والوجه هو الذي خرج من الجيب، وشق من أجله الجيب، فيخرج الرأس من هذا المحل، فيغطى بالخمار الذي هو ستر الرأس والوجه، وما قد يبدو من الصدر.


وأما حديث الخثعمية، وأن الفضل نظر إليها، وصرف النبي ﷺ وجه الفضل، فليس في حديث الخثعمية أنها كانت سافرة كاشفة وجهها، بل الأظهر والأصل في ذلك أنها ساترة وجهها، ولو فرضنا أنها سافرة لكان هذا في الإحرام، وقد قال بعض أهل العلم: إنه يجوز لها كشف وجه في الإحرام؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين قالوا: نهيها عن النقاب يقتضي إسفارها، فيكون هذا في حال الإحرام، وهي قادمة من مزدلفة ما بعد رمت الجمرة، ولا بعد تحللت.


فلو فرضنا أنها كاشفة لكان هذا في الإحرام، مع أن الصواب أن المحرمة تستر وجهها بغير النقاب، كما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «كنا مع النبي ﷺ في حجة الوداع إذا حاذانا الرجال سدلت إحدانا خمارها من فوق رأسها على وجهها، فإذا بعدوا عنا كشفنا» هكذا روي عن أم سلمة أيضًا.


فالمقصود: أن هذا يدل على أنهن يسترن بغير النقاب، وهو الخمار الذي يوضع على الرأس والوجه، أما النقاب فهو شيء يصنع للوجه، ويخاط للوجه يقال له: النقاب، ويقال له: البرقع، يجعل على الوجه، هذا هو الذي يمنع منه، تمنع منه المحرمة، أما كونها تستر وجهها بغير ذلك فهذا باق على أصله مأمورة به، حذرًا من الفتنة، وسدًا لباب الفتنة.


وبهذا يعلم القارئ ويعلم المؤمن أنه ليس فيما ادعاه من رأى الكشف، ليس في حديث الخثعمية حجة في ذلك، والصواب: أنها ليست سافرة، ولو فرضنا أنها سافرة لكان ذلك في حال الإحرام، والمحرمة قد قال بعض أهل العلم: بأنها تكشف وجهها، فلا حجة في ذلك في كشفه خارج الإحرام.


والصواب: أنها لا تكشف لا في الإحرام، ولا في غيره، وأن حديث الخثعمية ليس فيه صراحة بأنها سافرة، وإنما النظر يمكن أن تنظر إليه، وينظر إليها من دون كشف الوجه، فالنظر ممكن بأن تدير وجهها إليه، ويدير وجهه إليها، إما لحسن صوتها وأدبها حين سألت النبي ﷺ، وإما لأسباب أخرى، ولا يلزم من ذلك أن تكون سافرة الوجه، كما أنه لا يلزم منه أن تكون كاشفة الرأس .والله أعلم